الأربعاء، 6 فبراير 2008

الحديث الشاذ عند المحدثين






لحفظ كامل الكتاب : يمين ثم حفظ باسم











مقدمة :
الحمد لله أحمده ، وهو للحمد أهل ، حمداً يوافي نعمه ، ويكافيء مزيده .
اللهم لك الحمد يملأ ما بين السماء والأرض ، ولك الحمد ما سبح المسبحون بحمدك ، وقدس المقدسون لعظمتك .
والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، صلاة دائمة زاكية ، باقية إلى يوم الدين .
صلاة لا يبلى شبابها ، ولا يفنى ثوابها .
نتوسل ببركتها إلى الله أن يجمعنا بنبيه ش ، في خلد رحمته ، ونزل كرامته .
اللهم إنا نسألك رحمة من لدنك ، تبرد بها الأكباد ، وتسعد بها الأفئدة ، وتصرف السوء ، وتدفع عنا ملالة العيش .
ونسألك من العلم النافع ، ما تزكوا به الجوارح ، وتحيا به القلوب ، وما يدفع عنَّا سبل الغواية ، ومسارب الضلال ، ونهدى به بإذن ربنا إلى صراط مستقيم .
اللهم علماً يعصم من خطل الرأي ، وضلال الفكر ، ونزغات الهوى ، ويكشف مشتبهات الطريق . يطيب لنا به العيش في هذه الدنيا ، ويوافي أجره يوم يقوم الحساب .
أما بعد :
فهذه مقالة في الشاذ من الحديث ، وهو نوع من أغمض أنواع علوم الحديث ، وأشدها إشكالاً .
كثر الخلاف فيه من لدن قدماء المحدثين إلى متأخريهم ، وتشابكت أجزاء من عناصره مع أجزاء أخر ، من أنواع مشابهة ، من أنواع علوم الحديث ، فأصبح لموضوع الشذوذ علقة بالنكارة والغرابة ، ولحمة بالتفرد والاختلاف ، ووشيجة تربطه بالعلة وبالحديث المعلول .
بل لقد أصبح الشذوذ دائم الاقتران في الذكر مع الحديث الصحيح ، كلما أراد أحد أن يذكر حد الصحيح عند المحدثين !
والشذوذ والنكارة والغرابة ألفاظ يشيع ذكرها في تراث أهل الحديث ، وهي ألفاظ يستدعي بعضها بعضاً لقوة ما يربط بينها من الوشائج والعرى ويجد الناظر في كلام المحدثين تحذيرهم من رواية الشواذ والغرائب شيئاً كثيراً يقول شعبة: (( لا يجبئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ ))(
[1]). ويقول الإمام أحمد بن حنبل : (( شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها ، ولا يعتمد عليها ))([2]) ويقول صالح جزرة (( الحديث الشاذ الحديث المنكر الذي لا يعرف ))([3]) .
وقد نعى الخطيب(
[4]) على أهل زمانه طلبهم الغريب وتركهم مشهور الحديث ، وسماعهم المنكر دون المعروف وقال إن هذا خلاف ما كان عليه الأئمة من أعلام السالفين .
ولم أجد من بحث في الحديث الشاذ بحثاً مستوفياً جميع جوانبه ، ولا أزعم أن هذه المقالة تفي بجوانب هذا الموضوع ، وتأخذ بجميع أقطاره ، ولكنها - فيما أحسب - بداية عمل صالح ، ومنطلق أبحاث أكثر شمولاً واستيعاباً في هذا الموضوع الكبير .
ويحسن بي أن أشير إلى بعض الكتابات الجزئية في هذا الموضوع ، فمن ذلك ما كتبه الدكتور حمزة عبد الله المليباري في كتابه: (( الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها ))(
[5]).
وفي كتابه : (( الحديث المعلول قواعد وضوابط ))(
[6]) وكذلك ما كتبه الأخ الزميل الدكتور حاتم الشريف في كتابه : (( المنهج المقترح لفهم المصطلح ))([7]) .
ولقد أجاد الأستاذان الكريمان وأفادا فيما كتبا فجزاهما الله خير الجزاء .
وقد بنيت هذا البحث بعد هذه المقدمة على سبعة مباحث :
المبحث الأول : تعريف الشذوذ في اللغة .
المبحث الثاني : تعريف الشافعي للحديث الشاذ .
المبحث الثالث : تعريف الحاكم للحديث الشاذ .
المبحث الرابع : تعريف الخليلي للحديث الشاذ .
المبحث الخامس : نماذج للأحاديث الشاذة .
المبحث السادس : اشتراط انتفاء الشذوذ في حد الحديث الصحيح .
المبحث السابع : العلاقة بين الشذوذ والعلة .
وختمت البحث بذكر أهم النتائج التي قاد إليها البحث .
ثم قمت بوضع الفهارس المعهودة .
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، إنه سميع مجيب .
([1]) الكفاية في علم الرواية ص 141 .
([2]) الكفاية في علم الرواية ص 141 .
([3]) الكفاية في علم الرواية ص 141 .
([4]) الكفاية في علم الرواية ص 141 .
([5]) ص 48 وما بعدها .
([6]) ص 52 وما بعدها .
([7]) ص 262 وما بعدها .


وكتبه
عبد الله بن سعاف اللحياني
أستاذ مشارك في قسم الكتاب والسنة بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
23 / 3 / 1421 هـ

ليست هناك تعليقات: